المغربية صوفيا العسكي.. "العقل المالي" الذي يدير ما يزيد عن 300 مليار دولار لـ"الامبراطورية المالية" للشيخ طحنون بن زايد
شهر ماي من سنة 2022، وصف موقع "إنتلجنس أونلاين" الفرنسي صوفيا عبد اللطيف العسكي بأنها "المرأة التي تهمس في أذن الشيخ طحنون بن زايد". الموقع الذي يهتم بالأخبار التي تتعلق بكل ما هو أمني واستخباراتي أعد تقريرا مطولا عن شقيق رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الذي يدير معظم استثمارات العائلة الحاكمة التي تقدر بأزيد من 300 مليار دولار، مشيرا إلى أنّ المغربية صوفيا العسكي تعد المستشارة الأكثر قربا من الشيخ طحنون بن زايد، والخبيرة المالية التي تدير جزء كبيرا من أصول العائلة التي تعد من أكثر العائلات ثراء في العالم.
صيت المغربية صوفيا عبد اللطيف العسكي وهو إسمها الكامل لم يتوقف عند الأهمية لدورها المالي في تدبير أصول بملايير الدولارات للعائلة الحاكمة في أبو ظبي، بل اعتبرتها وكالة بلومبيرغ الأمريكية بأنها "المرأة الأكثر قربا وثقة من الشيخ طحنون بن زايد"، مشيرة إلى أنّ من يرغب في حجز موعد مع الرجل الذي يدير أضخم الصناديق السيادية في العالم، يحتاج بالضرورة المرور عبر صوفيا العسكي خريجة جامعة "ساوث بانك" بلندن، والتي ترتب أهم مواعيد مستشار الأمن القومي في الإمارات، بعد أن أصبحت من الدائرة الضيقة لشقيق رئيس الدولة، الذي يعد في الآن نفسه نائب حاكم إمارة أبوظبي.
وإن كانت المغربية صوفيا العسكي التي بنت مسيرتها المهنية في الظل بعيدا عن الجمهور ووسائل التواصل الاجتماعي، تعد من أهم المستشارين الماليين القادرين على اتخاذ القرارات الصعبة في سوق الاستثمارات والتدبير الهائل للأصول، فصيتها بين كبار رجال الأعمال في العالم جعل منها لاعبا مهما في السوق المالي بالشرق الأوسط.
وتعد صوفيا عبد اللطيف العسكي واحدة من المهاجرين المغاربة القلائل في أبو ظبي الذين ارتقوا إلى مثل هذه المكانة البارزة، حيث نسجت علاقات مذهلة مع كبار السياسيين وأثرياء العالم بحكم تدبيرها كومة هائلة من الأصول للعائلة الحاكمة في الإمارات التي تضع فيها ثقة كبيرة أثبتت العسكي أنها جديرة بها.
وحسب العديد من المصادر المتخصصة في عالم المال والأعمال، فإن الوصول إلى الشيخ طحنون بن زايد يُعتبر من المهام البالغة التعقيد، أو "شبه المستحيلة"، بالنظر إلى المناصب التي يشغلها الرجل، وأبرزها تلك التي لها علاقة بالمال، حيث يُعتبر هو المشرف والمسير للثروة المالية الهائلة للعائلة الحاكمة في الإمارات.
الشيخ طحنون بن زايد، إلى جانب مناصبه السياسية والأمنية، فهو يرأس أيضا مجلس إدارة الشركة القابضة الإماراتية التي تُعرف اختصارا بـ"ADQ"، وهي من بين أكبر صناديق الثروة السيادية في الإمارات، كما أنها تأتي في المرتبة السادسة كأكبر الصناديق السيادية في العالم العربي حسب إحصائيات مجلة "فوربس" لسنة 2022.
وبالإضافة إلى الشركات العديدة التي تدخل تحت لواء "ADQ" في مختلف دول العالم، أو تمتلك حصصا فيها، حيث تُقدر بأكثر من 90 شركة، فإن الشيخ طحنون بن زايد، يمتلك أيضا شركة خاصة به تحمل إسم "رويال غروب" التي تبلغ قيمتها إلى 300 مليار دولار أمريكي حسب تقديرات مجلات مالية مختصة، يدير من خلالها ثروة العائلة الحاكمة.
وبالرغم من هذا "البروفايل" المالي والسياسي والأمني الهائل الذي يحيط بالشيخ طحنون بن زايد، إلا أن المغربية صوفيا عبد اللطيف العسكي، استطاعت على مدار ما يقرب من عقدين، بأن تحظى بثقة هذا الرجل، وتُصبح واحدة من أبرز الشخصيات التي تساهم في إدارة "الثروة المالية" الكبيرة التي تقع تحت يد الشيخ طحنون بن زايد.
من هي صوفيا العسكي
من الصعب الوصول إلى تفاصيل كثيرة عن حياة وسيرة المغربية صوفيا العسكي، حيث يبدو واضحا أنها اختارت أن تشق طريقها في مجال المال والأعمال بعيدا عن الأضواء والإعلام، وهو ما يدفع إلى الاعتقاد، أن هذا المسار الذي اختارته هو الذي ساعدها في التركيز بشكل أكبر على مجال تخصصها وتُحقق فيه نجاحا هاما تُثبه الثقة الكبيرة التي تحظى بها لدى الشيخ طحنون بن زايد.
صوفيا العسكي هي سيدة من أصول مغربية، من مواليد 1974، وقد تخرجت من جامعة "ساوث بانك" الكائنة في لندن بإنجلترا، بعدما كانت قد تخصصت في مجال تكنولوجيا المعلومات، وقد التحقت منذ حوالي عقدين بالإمارات العربية المتحدة من أجل الاشتغال لدى المؤسسات المالية والاستثمارات التابعة للشيخ طحنون بن زايد.
وتشير العديد من التقارير إلى أن صوفيا العسكي، منذ بدء عملها في الإمارات، استطاعت أن تتدرج في المناصب بشكل تصاعدي (مما يشير إلى قدراتها الجيدة في المناصب التي تشغلها)، إلى أن أصبحت من الدائرة المقربة من الشيخ طحنون بن زايد، ومستشارته المالية التي يثق فيها بشكل كبير، لدرجة أن صحفا دولية عديدة، وصفتها بأنها هي اليد اليمنى للرجل و"المهندسة" التي تقف وراء العديد من الصفقات المالية الناجحة.
مجلة "بلومبيرغ" الأمريكية المتخصصة في مجال المال والأعمال، أشارت في أحد تقاريرها إلى الدور الهام الذي تقوم به صوفيا العسكي في إنجاح "الإمبراطورية المالية" للشيخ طحنون بن زايد، بكونها من "المغتربين القلائل" الذين نجحوا في الوصول إلى هذا المنصب القريب والمباشر من واحد من أهم رجال دولة الإمارات العربية المتحدة، في إشارة إلى كونها مهاجرة مغربية في الإمارات واستطاعت أن تصل إلى مرتبة متقدمة مع ثاني أهم رجل في الدولة.
ومن الإشارات التي تدل على الأهمية الكبيرة التي تحظى بها صوفيا العسكي في إدارة الثروة المالية الضخمة للشيخ طحنون بن زايد، هو ما نقلته صحيفة "بلومبيرغ" من تصريح قاله الملياردير الأمريكي سام زيل مؤسس صندوق "إيكوتي جروب إنفيسمنت"، قبل وفاته في ماي 2023، حيث قال "لقد تعرفت على العديد من الأشخاص الذين يشغلون مناصب حكومية رفيعة في جميع أنحاء العالم"، لكن من يحتل المرتبة الأولى في نظره هما "الشيخ طحنون بن زايد وصوفيا العسكي".
وكان سام زيل الذي توفي العام الماضي في شهر ماي، من الشخصيات المقربة من الشيخ طحنون بن زايد، وجمعتهما العديد من المشاريع والأعمال على مدار عقدين، وكانت صوفيا العسكي، حسب "بلومبيرغ" هي الوسيطة الرئيسية بينه وبين الشيخ طحنون، وهي التي تُشرف وتُرتب اجتماعاتهما.
ولا توجد تفاصيل ومعلومات أكثر على صوفيا العسكي، غير ما تداولته بعض المصادر الإعلامية المتخصصة، إلا أن المناصب العديدة التي تشغلها في "إمبراطورية طحنون بن زايد"، تشير إلى النجاح الكبير الذي حققته - ولازالت – خاصة أنها ساهمت في زيادة توسيع ثروة العديد من الشركات التي تشرف عليها، وممن تدخل تحت لواء "رويال غروب" أو "AQD" وغيرهما.
ثقة في محلها
المنصب الحسّاس والهام الذي تشغله صوفيا العسكي حاليا إلى جانب الشيخ طحنون بن زايد، لم يأت من فراغ، فمن الواضح أن السيدة المغربية تقوم بعمل جبّار في تدبير وتسيير هذا الكم الهائل من الشركات والمؤسسات المالية، باقتدار كبير، تشهد عليه أرقام هذه الشركات التي حقق أغلبها زيادات في قيمتها المالية.
ووفق العديد من التقارير المالية، فإن صوفيا العسكي، هي التي تُشرف على توجيه العمليات اليومية في مجموعة "رويال غروب" التي تبلغ قيمتها 300 مليار دولار، كما أنها عضو في مجالس إدارات ما يقرب من 30 شركة تابعة لـ"رويال غروب"، مما يعني أن حضورها يُشكل قيمة كبيرة لتلك الشركات وتقدمها في أنشطتها الاستثمارية.
وحسب الصحافة الإماراتية، فإن صوفيا العسكي تقف وراء العديد من الصفقات والخطوات المالية الهامة لمجموعة "رويال غروب" في السنوات الأخيرة، خاصة بعدما أصبحت صاحبة نفوذ كبير وذات صلة مباشرة مع الشيخ طحنون بن زايد.
وأشارت في هذا السياق، أن من بين الصفقات الكبيرة التي تقف وراء التخطيط لها، صوفيا العسكي، يتعلق الأمر بعملية الاستحواذ على حصة تفوق 80 بالمائة في "الشركة الدولية القابضة" التي تُعرف اختصارا بـ"IHC"، وذلك في سنة 2019، وكان الاستحواذ من طرف شركة "رويال غروب" والشركة الأخرى التابعة لها التي تحمل اسم "PAL".
وبعد الاستحواذ على مجمل رأسمال "الشركة الدولية القابضة"، أصبحت صوفيا العسكي عضوا في مجلس إدارة "IHC" منذ سنة 2020، قبل أن تُشرف مرة أخرى على صفقة استحواذ جديدة، تتعلق بشراء 45 بالمائة من أسهم شركة "ألفا ظبي القابضة" في سنة 2021، وحصلت على مقعد آخر في مجلس إدارة هذه الشركة.
وحسب تقارير إعلامية متخصصة، فإنه منذ عمليتي الاستحواذ اللتين أشرفت عليها صوفيا العسكي، ازدادت القيمة السوقية لكل من "الشركة الدولية القابضة" و"ألفا ظبي القابضة" إلى 280 مليار دولار. كما أن العسكي ساهمت في الرفع من استثمارات شركات "رويال غروب" في شتى القطاعات، كالعقار والتكنولوجيا والسياحة وغيرها من القطاعات الاقتصادية الهامة.
اسم مغربي لامع في مجال المال
اعتبرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية المهتمة بالشؤون الإفريقية، في أحد تقاريرها الصادرة في فبراير الماضي أن الخبيرة والمستشارة المالية للشيخ طحنون بن زايد، صوفيا العسكي، هي واحدة من الأسماء المغربية اللامعة التي تشتغل في الإمارات العربية المتحدة في مجال المال والأعمال.
وأدرجت المجلة الفرنسية اسم صوفيا العسكي، ضمن مجموعة من الأسماء المغربية الأخرى الناجحة والمتفوقة في مجالات مختلفة، ممن تخرجوا من جامعات أوروبية وأمريكية ذات صيت عالمي مرموق، قبل أن يلتحقوا بالإمارات العربية المتحدة من أجل الاشتغال في مناصب عليا، مشيرة إلى أن صوفيا العسكي هي المستشارة المالية للشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، الرجل الثاني في الإمارات، لمدة ما يقرب عن 20 عاما.
ويُساهم "البروفايل" الناجح لصوفيا العسكي في إعطاء صورة إيجابية عن المرأة المغربية وقدرات المغاربة في تحقيق النجاح في مختلف المجالات وفي دول أخرى وهو ما يُمكن أن تستفيد منه المملكة على مستويات عديدة، خاصة أن الملك محمد السادس سبق أن دعا إلى الاهتمام بالأطر المغربية في الخارج، ودعا في الوقت نفسه من مغاربة الخارج إلى إعطاء اهتمام خاص بالوطن والمساهمة في مساره المتقدم إلى الأمام.
وتجدر الإشارة إلى أن الإمارات العربية المتحدة التي تشتغل فيها صوفيا العسكي، من أبرز الدول العربية التي لها علاقات وطيدة مع المملكة المغربية، كما أن شركاتها وصناديقها السيادية، من بين أكبر المستثمرين في المغرب في الوقت الراهن، كما تسير هذه الاستثمارات نحو الارتفاع في السنوات المقبلة، ولا سيما أن الرباط تستعد لمجموعات من الأحداث الدولية الكبرى، مثل تنظيم كأس العالم لكرة القدم لسنة 2030، بشراكة مع إسبانيا والبرتغال.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :